كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ} [17] يعنى السموات كلّ سماء طريقة {وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ} عمّا خلقنا {غافِلِينَ} يقول: كنا له حافظين.
وقوله: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ} [20] وهى شجرة الزيتون {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} وقرأ الحسن {تنبت بالدهن} وهما لغتان يقال نبتت وأنبتت كقول زهير:
رأيت ذوى الحاجات حول بيوتهم ** قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل

ونبت وهو كقولك: مطرت السماء وأمطرت. وقد قرأ أهل الحجاز. {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} موصولة من سريت. وقراءتنا {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} {من أسريت} وقال اللّه {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وهو أجود وفى قراءة عبد اللّه {تخرج الدهن}.
وقوله: {وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} يقول: الآكلون يصطبغون بالزيت. ولو كان {وصبغا} على وصبغا أنبتناه فيكون بمنزلة قوله: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظًا}. وذلك أن الصّبغ هو الزيت بعينه. ولو كان خلافه لكان خفضا لا يجوز غيره. فمن ذلك أن تقول: مررت بعبد اللّه ورجلا ما شئت من رجل، إذا جعلت الرجل من صفة عبد اللّه نصبته. وإن كان خلافه خفضته لأنك تريد: مررت بعبد اللّه وآخر.
وقرأ أهل الحجاز {سيناء} بكسر السّين والمدّ، وقرأ عاصم وغيره {سيناء} ممدودة مفتوحة السّين. والشجرة منصوبة بالردّ على الجنات، ولو كانت مرفوعة إذ لم يصحبها الفعل كان صوابا، كمن قرأ {وَحُورٌ عِينٌ} أنشدنى بعضهم:
ومن يأت ممشانا يصادف غنيمة ** سوارا وخلخالا وبرد مفوّف

كأنه قال: ومع ذلك برد مفوّف. وأنشدنى آخر:
هزئت حميدة أن رأت بي رتّة ** وفما به قصم وجلد أسود

كأنه قال: ومع ذلك جلد أسود.
وقوله: {جِنَّةٌ} [25] هو الجنون. وقد يقال للجن الجنّة، فيتّفق الاسم والمصدر.
وقوله: {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} لم يرد بالحين حين موقّت. وهو في المعني كقولك. دعه إلى يوم ولم ترد: إلى يوم معلوم واحد من ذى قبل: ولا إلى مقدار يوم معلوم. إنما هو كقولك إلى يوم ما.
وقوله: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [33] المعنى ممّا تشربون منه. وجاز حذف {منه} لأنك تقول: شربت من مائك. فصارت {ما تشربون} بمنزلة شرابكم. ولو حذفت من تأكلون منه كان صوابا.
وقوله: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرابًا وَعِظامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [35] أعيدت {أنكم} مرّتين ومعناهما واحد. إلّا أن ذلك حسن لمّا فرقت بين {أنكم} وبين خبرها بإذا. وهى في قراءة عبد اللّه {أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون} وكذلك تفعل بكل اسم أوقعت عليه {أنّ} بالظنّ وأخوات الظنّ، ثم اعترض عليه الجزاء دون خبره. فإن شئت كرّرت اسمه، وإن شئت حذفته أوّلا وآخرا. فتقول: أظنّ أنك إن خرجت أنك نادم. فإن حذفت أنك الأولى أو الثانية صلح. وإن ثبتتا صلح. وإن لم تعرض بينهما بشىء لم يجز. فحطأ أن تقول أظن أنك أنك نادم إلّا أن تكرّر كالتوكيد.
وقوله: {هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ} [36] لو لم تكن في ما اللام كان صوابا. ودخول اللام عربىّ. ومثله في الكلام هيهات لك، وهيهات أنت منّا، وهيهات لأرضك.
قال الشاعر:
فأيهات أيهات العقيق ومن به ** وأيهات وصل بالعقيق نواصله

فمن لم يدخل اللام رفع الاسم. ومعنى هيهات بعيد كأنه قال: بعيد {لِما تُوعَدُونَ} وبعيد العقيق وأهله. ومن أدخل اللام قال هيهات أداة ليست بمأخوذة من فعل بمنزلة بعيد وقريب، فأدخلت لها اللام كما يقال: هلمّ لك إذ لم تكن مأخوذة من فعل. فإذا قالوا: أقبل لم يقولوا: أقبل لك لأنه يحتمل ضمير الاسم.
فإذا وقفت على {هيهات} وقفت بالتاء في كلتيهما لأنّ من العرب من يخفض التاء، فدلّ ذلك على أنها ليست بهاء التأنيث فصارت بمنزلة دراك ونظار. ومنهم من يقف على الهاء لأنّ من شأنه نصبها فيجعلها كالهاء. والنصب الذي فيهما أنهما أداتان جمعتا فصارتا بمنزلة خمسة عشر. وإن قلت إنّ كل واحدة مستغنية بنفسها يجوز الوقوف عليها فإن نصبها كنصب قوله: قمت ثمّت جلست، وبمنزلة قول الشاعر:
ماويّ بل ربّتما غارة ** شعواء كاللذعة بالميسم

فنصب هيهات بمنزلة هذه الهاء التي في ربّت لأنها دخلت على ربّ وعلى ثمّ، وكانا أداتين، فلم يغيّرهما عن أداتهما فنصبا. قال الفراء: واختار الكسائي الهاء، وأنا أقف على التاء.
وقوله: {فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً} [41] كغثاء الوادي يبّسا بالعذاب.
وقوله: {ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا} [44] أكثر العرب على ترك التنوين، تنزّل بمنزلة تقوى ومنهم من نوّن فيها وجعلها ألفا كألف الإعراب، فصارت في تغيّر واوها بمنزلة التراث والتجاه. وإن شئت جعلت بالياء منها كأنها أصليّة فتكون بمنزلة المعزى تنوّن ولا تنوّن. ويكون الوقوف عليها حينئذ بالياء وإشارة إلى الكسر. وإن جعلتها ألف إعراب لم تشر لأنك لا تشير إلى ألفات الإعراب بالكسر، ولا تقول رأيت زيدى ولا عمرى.
وقوله: {وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ} [50] الربوة: ما ارتفع من الأرض. وقوله: {ذاتِ قَرارٍ} منبسطة وقوله: {وَمَعِينٍ}: الماء الظاهر والجاري. ولك أن تجعل المعين مفعولا من العيون، وأن تجعله فعيلا من الماعون ويكون أصله المعن. قال الفراء: المعن الاستقامة، وقال عبيد بن الأبرص:
واهية أو معين معن ** أو هضبة دونها لهوب

وقوله: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ} [51] أراد النبىّ فجمع كما يقال في الكلام للرجل الواحد: أيّها 124 ب القوم كفّوا عنا أذاكم. ومثله {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} الناس واحد معروف كان رجلا من أشجع يقال له نعيم ابن مسعود.
وقوله: {وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ} [52] قرأها عاصم والأعمش بالكسر على الاسئتناف.
وقرأها أهل الحجاز والحسن {وأنّ هذه أمّتكم} والفتح على قوله: {إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} وعليم بأن هذه أمتكم. فموضعها خفض لأنها مردودة على ما وإن شئت كانت منصوبة بفعل مضمر كأنك قلت: واعلم هذا.
وقوله: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [53]: فرّقوه. تفرّقوا يهود ونصارى. ومن قال: {زُبُرًا} أراد: قطعا مثل قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} والمعنى في زبر وزبر واحد. واللّه أعلم. وقوله: {كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} يقول: معجبون بدينهم. يرون أنهم على الحقّ.
وقوله: {فذرهم في غمرتهم حتّى حين} في جهالتهم.
وقوله: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ} [55] ما في موضع الذي، وليست بحرف واحد.
وقوله: {نُسارِعُ لَهُمْ} [56] يقول: أيحسبون أن ما نعطيهم في هذه الدنيا من الأموال والبنين أنا جعلناه لهم ثوابا. ثم قال {بَلْ لا يَشْعُرُونَ} أنّما هو استدراج منّا لهم.
وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا} [60] الفرّاء على رفع الياء ومدّ الألف في {آتَوْا} حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدّثنى مندل قال حدّثنى عبد الملك عن عطاء عن عائشة أنها قرأت أو قالت ما كنا نقرأ إلّا {يأتون ما أتوا} وكانوا أعلم باللّه من أن توجل قلوبهم.
قال الفراء يعنى به الزكاة تقول: فكانوا أتقى للّه من أن يؤتوا زكاتهم وقلوبهم وجلة.
وقوله: {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ}: وجلة من أنّهم. فإذا ألقيت من نصبت. وكل شىء في القرآن حذفت منه خافضا فإن الكسائىّ كان يقول: هو خفض على حاله. وقد فسّرنا أنه نصب إذا فقد الخافض.
وقوله: {أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ} [61] يبادرون بالأعمال {وَهُمْ لَها سابِقُونَ} يقول:
إليها سابقون. وقد يقال {وَهُمْ لَها سابِقُونَ} أي سبقت لهم السّعادة.
وقوله: {وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ} [63] يقول: أعمال منتظرة ممّا سيعملونها، فقال {مِنْ دُونِ ذلِكَ}.
وقوله: {يَجْأَرُونَ} [64]: يضجّون. وهو الجؤار.
وقوله: {عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ} [66] وفى قراءة عبد اللّه {على أدباركم تنكصون} يقول: ترجعون وهو النكوص.
وقوله: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} [67] الهاء للبيت العتيق تقولون: نحن أهله، وإذا كان الليل وسمرتم هجرتم القرآن والنبىّ فهذا من الهجران، أي تتركونه وترفضونه. وقرأ ابن عباس {تَهْجُرُونَ} من أهجرت. والهجر أنهم كانوا يسبّون النبىّ صلى الله عليه وسلم إذا خلوا حول البيت ليلا. وإن قرأ قارئ {تَهْجُرُونَ} يجعله كالهذيان، يقال: قد هجر الرجل في منامه إذا هذى، أي إنكم تقولون فيه ما ليس فيه ولا يضرّه فهو كالهذيان.
وقوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} [69] أي نسب رسولهم.
وقوله: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ} [71] يقال: إن الحقّ هو اللّه. ويقال: إنه التنزيل، لو نزل بما يريدون {لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالأرض وَمَنْ فِيهِنَّ} قال الكلبىّ: {وَمَنْ فِيهِنَّ} من خلق. وفى قراءة عبد اللّه {لفسدت السّماوات والأرض وما بينهما} وقد يجوز في العربيّة أن يكون ما فيهما ما بينهما. الآن السماء كالسقف على الأرض، وأنت قائل: في البيت كذا وكذا، وبين أرضه وسمائه كذا وكذا، فلذلك جاز أن تجعل الأرض والسّماء كالبيت.
وقوله: {بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ}: بشرفهم.
وقوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا} [72] يقول: على ما جئت به، يريد: أجرا، فأجر ربّك خير.
وقوله: {لَناكِبُونَ} [74] يقول: لمعرضون عن الدين. والصراط هاهنا الدين.
وقوله: {وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} [80] يقول: هو الذي جعلهما مختلفين، كما تقول في الكلام: لك الأجر والصلة أي إنك تؤجر وتصل.
وقوله: {قُلْ لِمَنِ الأرض وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [84] {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [85] هذه لا مسألة فيها لأنه قد استفهم بلام فرجعت في خبر المستفهم. وأمّا الأخريان فإنّ أهل المدينة وعامّة أهل الكوفة يقرءونها {للّه}، {للّه} وهما في قراءة أبىّ كذلك {للّه} {للّه} {للّه} ثلاثهنّ. وأهل البصرة يقرءون الأخريين {اللّه} {اللّه} وهو في العربيّة أبين لأنه مردود مرفوع ألا ترى أن قوله: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ} مرفوع لا خفض فيه، فجرى جوابه على مبتدأ به.
وكذلك هى في قراءة عبد اللّه {للّه} {اللّه} والعلّة في إدخال اللام في الأخريين في قول أبىّ وأصحابه أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟ فقال: أنا لفلان، كفاك من أن يقول: مولاى فلان. فلمّا كان المعنيان واحدا أجرى ذلك في كلامهم. أنشدنى بعض بني عامر:
وأعلم أنني سأكون رمسا ** إذا سار النواجع لا يسير

يعني الرمس.
فقال السّائلون لمن حفرتم ** فقال المخبرون لهم وزير

فرفع أراد: الميت وزير.
{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}.
وقوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}: تُصْرفون. ومثله تؤفكون. أُفِك وسُحر وصُرف سَوَاء.
{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ اله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}.
وقوله: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ اله}.
إِذًا جَواب لكلام مضمر. أى لو كانت مَعَهُ آلهة {إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ اله بِمَا خَلَقَ} يقول: لاعتزل كلُّ إله بخَلْقه، {وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ} يقول: لبغى بعضهم على بعض ولغلب بعضهم بَعْضًا.
{عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.